روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | هل طفلك.. أناني معاند؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > هل طفلك.. أناني معاند؟


  هل طفلك.. أناني معاند؟
     عدد مرات المشاهدة: 2321        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سعادة المستشار:

ولدي شديد الانانيه والعناد دائم اثارة المشاكل في البيت وبلاخص مابين اخوته هو الاول في اخوته وبعده ولدان يبلغ من العمر التسع سنوات اهم شي عنده تحقيق مطالبه ولو على حساب الكل

 لا يحب ان يوضح مشاعره تجاهي او تجاه والده لايعتذر بسهوله واذا قمت بمعاقبته وحرمانه من شئ يريده لايعتذر ويرسل اخوته يعتذرون بدلاعنه.

مع العلم اني لااقبل الاعتذار حتى ياتي بنفسه ويعتذردائم الصراخ ورفع الصوت في البيت لااعرف كيف اتعامل معه افيدوني حتى اقوم سلوكه جزاكم الله خيرا

الأخت الكريمة / رذاذ الورد:

أشكركِ على ثقتك في موقعنا، وعلى إحساسكِ الإيماني تجاه أبنائك " فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيَّتها".

ومن منطلق هذه المسؤولية كان حرصُك على الاستشارة طلبًا لإحسانِك تجاه رعيتك/ أبنائك.

بدايةً، فإننا – نحن الآباء – لا نُعفي أنفسنا من المسؤولية تجاه أية مشكلة قد تعترض الأبناء، فأحيانًا يكون أسلوب تربيتنا لهم سببًا في نشوء هذه المشاكل، وأحيانًا نتعامل معهم تعاملًا خاطئًا يضخِّم المشكلة ولا يُعالجها.

ولعلنا إذا دقَّقنا النّظر تبيَّن لنا أنَّ الأنانية والعناد صفتان تكادان تتلازمان، فإن وُجِدتْ واحدة تَصْحَبُها الأخرى.

ومن الحقِّ أن نتلمّس العذر لأبنائنا في بعض المواقف التي تَظْهَر فيها هاتان الصفتان؛ فيكون العناد أحيانًا تعبيرًا عن الرَّفض لأوامر غير مناسبة لهم، أو غير مقنعة.

ويكون رفض تنفيذ الأوامر احتجاجًا أو ردَّ فعلٍ على عنادٍ معاكس يتبناه الأبوان ولا يحيدان عنه، ويكون إصرار الطفل على موقفه انتقامًا من إصرار الآباء على موقفهم الجامد أو أوامرهم الصارمة التي لا تقبل نقاشًا أو ردًا.

وهناك أسباب أخرى كثيرة تتسبب في عناد الأبناء، قد يكون التدليل الزائد من بينها، حين تُلبَّى كل رغبات الطفل، فيكون عناده وسيلة للضغط وتحقيق مطالبه.

وبالنسبة لطفلك ذي السنوات التسع، فقد يكون سبب أنانيته وعناده أنّه يرى أنكما تؤثرون إخوانه عليه أو تهتمون بهم دونه، فيكون عناده وسيلة للفت الأنظار إليه.

أو تكون أنانيته وسيلة للاستحواذ على ما في أيدي إخوانه لإحساسه بالضعف وعدم الأمان، فيرى في الاستئثار.

وتملك الأشياء أمانًا له وقوة، وهو أيضًا يتخذ من العناد وسيلة لتأكيد ذاته واستقلاليته عن أسرته، فلا يظهر مشاعره لوالديه، ولا يعتذر عن أفعاله، بل يصرّ على موقفه، ويكثر من الصراخ ورفع الصوت.

وإذا حاولتِ إشراك طفلكِ في نشاطات جماعية مع أشقائه ثمّ مع أصدقائه في المدرسة والمجتمع المحيط فسيستمتع بالروح التعاونية مع الأهل والأصدقاء، ويتخلى تدريجيًا عن أنانيته.

ويتنازل عنها في البداية لأبويه، ثم لإخوته، ثم لأصدقائه، ثمّ للآخرين، ومن ثَمَّ يتشارك بإيجابية مع من حوله. وعلينا أن ننتبه لتحقيق العدل والمساواة بينه وبين إخوته في العطاء والحبّ، فلا نؤثر أحدًا عليه.

وأحبّ أن أوضِّح أنَ العناد البسيط قد لا يشكِّل خطرًا، بل قد نستطيع توجيهه بإيجابية لتتشكل لدى أبنائنا المواقف واستقلالية الفِكر بعيدًا عن التبعيّة، ونتخذ منه وسيلة للحوار الهادئ المقنع.

فلا يتمسّك بموقفه إن كان مخطئًا، بل يتراجع عنه، ونكون قدوةً له في ذلك، فلا نتمسّك بمواقفنا إن كان للأبناء مبرراتهم المقنعة في الرفض وعدم الاستجابة.

ويبدو أنَّ صغيركِ يُكثر من الصِدام معكِ كثيرًا، ولذلكَ لا تقبلين اعتذارات الآخرين نيابة عنه، ولعلك لو قبلت اعتذارات إخوته نيابة عنه، ثم حاورتِهِ - منفردةً- بحبّ وناقشتِهِ بعقلانية لقدَّم اعتذاراته طوْعًا.

ولعدَّلَ من تصرفاته؛ فأحيانًا نكون مخطئين في طريقة عرض أوامرنا، أو في أسلوب صياغتها لأطفالنا.

فيرى الطفل في لهجتها قسوةً أوفي نَبْرَتِها حِدَّة وإجبارًا، ولا يَجِد له فُرصةً للمناقشة والاعتراض، فيكون صُراخه وتذمره وعنادة وسيلة للرفض.

ولكنّا إذا كنّا مَرِنِينَ في إلقاء أوامرنا، وأحسنَّا اختيار الأسلوب الألطف في عرضها، فسيتقبلها الطفل بحبٍّ، فالطفل يتقبَّل عبارات الرجاء والأساليب الأكثر دفئًا وحنانًا بلا إجبار.

ويجد سعادة في تنفيذها، فحين تنادينه: (من فضلك يا حبيبي هات كذا!...)أو (إذا سمحتَ يا عزيزي ساعدني في كذا!) فستجدين استجابة بعيدة عن العناد.

كما علينا أن نراعي في طلباتنا وأوامرنا أن تكون معقولة، وأن يكون وقت إصدار الأمر مناسبًا للطفل.

فلا يكون منشغلًا- مثلًا- بلعبة يرى متعته معها، وندعوه بصورة مفاجئة لتناول الطعام، وإنما علينا أنْ نمهِّد لهذا الأمر، فنطْلُب منه أن يفرغ من لعبته ويهيئ نفسه للطعام بعد قليل.

وجميل أن نفتح أبواب النقاش معه وأن نحاوره بعقلانية في أسباب اعتراضه على ما طُلِب منه، ونوضِّح له الآثار السلبية لهذا الرفض، ونتعامل معه بحبٍّ كإنسان كبير نحترم رأيه، فهذا يذيب كثيرًا من جليد العناد والصدام.

وأدعوكِ لأن تستخدمي أساليب التحفيز والتشجيع عقب أدائه لأي طلب مهما كان بسيطًا، وليس أجمل من أن تمزجي طلباتك له بروح الدعابة والمرح فيكون أكثر تقبلًا لها، وإسراعًا في أدائها.

وبالحب والحنان والصبر نفلح في احتواء أبنائنا وتربيتهم التربية الصحيحة.

وإذا لم تفلح هذه الوسائل معه في تعديل سلوكه، فلتوضحي له من خلال تعابير وجهكِ أنّك غير راضية عن تصرفه، أو أنّك تخاصمينه ولن تكلميه حتى يرجع عن عناده.

وإن لم يُجْدِ معه العقل ولا العاطفة فتكون معاقبته بالحرمان من شيء مُحبَّب إليه كالحلوى أو الهدايا، وينبغي أن تكون العقوبة تابعة للفعل بلا تأجيل وأن يُدرك سبب العقوبة.

ولا ينبغي أن نهدده بعقوبة ثمّ لا ننفذها، كما أنَّ علينا أن نكون ثابتين في مواقفنا التربوية معه، فلا نقول له: " نعم" في موقف معين، ثم نأتي ونقول: "لا" في وقت آخر في الموقف ذاته.

كما ينبغي ألا نقابل عناده بعناد مماثل أو بقسوة، فإن الطفل يزداد عنادًا. وإذا واجه طلباتنا بالعناد والصراخ.

فعلينا ألا نرد عليه بصراخ مماثل أو توبيخ، وإنما نقابل صراخه بهدوء، ونحاول أن نتجنب البقاء معه في الغرفة التي فيها ولا نلتفت إليه ليدرك خطأه.

وإن لم يُجْدِ ذلك نفعًا وازداد عصيانًا فربما تنفع معاقبته بأن نخصص مِقْعدًا في إحدى الغُرَف نأخذه إليه بهدوء ونجلسه على هذا الكرسي، ونطلب منه ألا يتحرك من مكانه لفترة معينة جزاء عصيانه.

وفي جميع الأحوال علينا أن نتجنب معاقبته بالضرب والإهانة، لأن هذا يزيد عناده وإصراره على موقفه مهما كان خاطئًا.

كما أنّ الإهانة قد تؤدي به إلى الانكسار واهتزاز ثقته بنفسه، وهذا يتطلب الحكمة والصبر في التعامل معه.

وإنني أرى أن أكثر العلاجات فائدة في تربية أبنائنا أن نمنحهم الحبّ والعطف وأن نصبر على تربيتهم، فإن احتوينا أبناءنا بالحب والحنان والصبر.

فستثمر شجراتهم وتورق ولو بعد حين، فلا نتعجل الحصاد حتى نتعهد الزرع بالري والاهتمام والرعاية.

نسأل الله لبَنِيكِ الهداية، ولأسرتكِ الهدوء والأمان.

الكاتب: أ. أحمد محمد الدماطي

المصدر: موقع المستشار